تكست: السنة الثانية - العدد العشرون - تشرين الثاني 2013






السنة الثانية - العدد العشرون


الجمعة، 6 ديسمبر 2013

تكست - العدد العشرون - من ارشيف جماعة كتابات مسرحية..............عزيز الساعدي



في المسرح
.

من أرشيف جماعة (كتابات مسرحية)
حوارية عن آفاق المسرح
مقدمة بقلم عزيز الساعدي


شغل النقد المسرحي لدى جماعة "كتابات مسرحية" حيزاً ومساحة واسعة وهو إضافة أخرى لاهتمام الفرقة المسرحية المتمثلة بتقديم العروض المسرحية والدراسات المسرحية التي كانت تعقدها أسبوعياً في كازينو البدر لمناقشة المستجدات في المسرح/ نصوص، دراسة، تجارب مسرحية..الخ. هذه الدراسات تتخذ شكل محاضرات يقدمها أحد المشاركين – بنيان صالح، ياسين النصير، حميد مجيد مال الله، جبار صبري العطية، عزيز الساعدي، كاظم لازم عيدان. كذلك كنا في الندوات نخطط لأعمالنا القادمة كعروض مسرحية يقدمها كادر الفرقة المسرحية – غالبيتهم من الشباب الجامعيين- الكتابات النقدية كما ننشرها في الصحف المحلية والمجلات داخل وخارج العراق كصحيفة "طريق الشعب" و"الجمهورية" ومجلة "الثقافة الجديدة" ومجلة "الثقافة" التي كان يحررها الدكتور صلاح خالص وزوجته سعاد محمد خضر، كذلك كنا ننشر في مجلة الأقلام والطليعة الأدبية ومجلة "المسرح" العراقية ومجلة "الآداب" البيروتية وجريدة "الطليعة" الكويتية وامتد نشاطنا إلى إقامة الندوات المسرحية لمناقشة العروض التي تقدم من خلال المهرجانات القطرية والفرق الزائرة كفرقة المسرح الفني الصديق حيث قدمت الأخيرة مسرحية "الشريعة".
  وحوارية "إبراهيم جلال" أحد آبائنا الكبار هي نموذج للحواريات النقدية التي شارك فيها كل من الناقد ياسين النصير والكاتب بينان صالح والكاتب والناقد جبار صبري العطية والناقد حميد مجيد مال الله. حيث ناقش هؤلاء المبدعين المحطات التالية:
الأصالة في المسرح
المسرح التجاري
نصوص الحرب
انتماء المسرح لواقع المتغيرات والمستجدات
العلاقة مع الجمهور


ندوة عن المسرح العراقي
إلى إبراهيم جلال أحد آبائنا الكبار
بنيان: في نهاية مسرحية "المفتاح" للفنان يوسف العاني يقول نوار" يجب أن أركض سيخلق جيل جديد إذا لم أبدأ بالركض منذ الآن فلن ألحق به. يجب أن نركض كلنا" وفي الواقع كان فن المسرح في العراقي يركض باتجاه إنسان وادي الرافدين مرتبطاً به ومنتمياً لى حياته المتحركة باستمرار وبهذا الشرط العظيم اكتسب أصالته ولهذا أيضا ارتبط به (المسرح) أجيال من رواده المؤسسين وتلامذتهم المبدعين أعطوا جميعاً ما يمكن أن يسمى بفخر المسرح العراقي. هذه الأصالة بالذات نستذكرها اليوم بمناسبة عيد المسرحيين في العالم وبسبب ما يحيط بمسرحنا من أجواء مما أفرزته حياتنا الراهنة.
فكيف تنظرون إلى هذه الأصالة؟
ياسين: الأصالة تعني الارتباط بالمجتمع والشعب والتطور بكل ما من شأنه أن يرفع مستوى المشاهد والقارئ وبكل ما يجعل الثقافة واحداً من الينابيع الفنية الثرة التي تمكن إنساننا من تجاوز محنه وعاديته وسنينه. والأصالة كما تعرفها قواميس اللغة: العلم بالقوانين التي تتمم بالحياة وتعني كذلك الثبات وهذه أجواء كان المسرح العراقي في صلة بها.
حميد: (الأصالة) ترابط يتفجر من خلال ذاكرة جمعية وإيماءة اجتماعية وهوى طاغ للنكتة والبقاء والحزن الجمعي والنشور والفرح. تسامت به حركتنا المسرحية معيدة صياغته فهي ذائقة فنية شغوفة بالمدينة والوعي.
بنيان: وكيف تتأصل هذه الأصالة؟
حميد: التأصيل قرين (النص) المدون فمن ملاحمنا القديمة كانت مسرحية "كلكامش" و"رثاء أور".
ياسين: في الستينات مثلاً بدأ المسرح العراقي يبحث عن التأصيل لتأكيد هويته وقد حقق بهذا المسعى إمكانات معرفية جيدة: بحث في التراث اللغوي وبحث في الديوان الشعري وبحث في الحكاية وبحث في الحياة العربية تجارتها أسواقها سياستها علاقاتها بنيتها الفلسفية وكان الفنان المسرحي يسعى وراء ذلك كله للبحث عن أسس يؤصل بها مسعاه الدرامي.
جبار: لقد ارتبط المسرح العراقي منذ نشأته بجماهيره ومحبيه ارتباطاً وثيقاً.
بنيان: وهذا النسق ما زال في صعود فعند الفنان قاسم محمد "إنّ ما يؤرقني هو خلق مسرح شعبي أصيل يعود بالمسرح المحلي إلى أصوله".
حميد: ولا ننسى التاريخيات: فبعد "أسوار" و"شمو" خالد الشواف قرع "تموز" عادل كاظم "الناقوس" ثم كان "الطوفان" و"الحصار" و"المتنبي" وكذلك "آدابا" معد الجبوري و"سؤال" محي الدين زنكنة.
جبار: ما هو مهم عندي أن صلة مسرحنا بجماهيره صميمية وأن سنوات تألقه هي السنوات التي تتوثق فيها هذه الصلة وسنوات خفوت نوره هي السنوات التي تتعثر فيها تلك الصلة. إن مسرحنا يضطلع بوظيفته الاجتماعية كاملة.
بنيان: يقول الكاتب العربي نعمان عاشور:" إنني ملتزم بخط ربط المسرح بالتطور الاجتماعي وقضية الاشتراكية". حسناً لقد كان مسرحنا مميزاً بهذا الاتجاه وخير شاهد على ذلك مسرحيات يوسف العاني التي يمكن أن نطلق عليها تسمية "المسرحيات النضالية" تلك المسرحيات المباشرة والحاد والتحريضية التي لعبت دوراً رائداً في تطوير الوعي الوطني والقومي لدى جماهيرنا.
حميد: وأيضاَ الاجتماعيات: موسى الشابندر في مسرحيته" وحيدة" و"أقدار" سليم بطي ثم "تراجيكوملك" طه سالم "تراب" و"طنطل" ،"فوانيس" ومدمن "توفيق البصري" و"بيت" نور الدين فارس "الجديد" و"ترنيمة" كرسي فاروق محمد "الهزاز" وزفير صحراء جليل القيسي.
بنيان" هل لي أن "أكسر" هذا السرد التاريخي الجميل وأقرر مع د. عوني كرومي "المسرح عرض للحياة البشرية المشتركة والعلاقات المترابطة بين الفرد والمجتمع من جهة وبين الفرد والواقع الموضوعي من جهة أخرى. وهذا ما كان من مسرحنا.
حميد: من التطورات اللاحقة : "مرحبا أيتها الطمأنينة" لجليل القيسي و"حصان" مهدي السماوي "المحترق الأطراف" وقاسم حول في "عودة السنونو" و"جنين" بنيان صالح و"الشريعة" و"الخان" و"الخرابة" و"مفتاح" يوسف العاني. يا لنصاعة هذا الإرث الحاشد الجميل والأصيل.
بنيان: في واقعنا المسرحي: بشائر ومخاوف وسوف أستبق البشائر بالمخاوف والتي تتمثل هذه الأيام بما يطلق عليه "المسرح التجاري" هذه الحالة "الجديدة" التي يواجهها مسرحنا وصحافتنا وجمهورنا وسوف أوج بما يلي: ماهية هذا "المسرح" ؟ ولماذا؟ هل يشكل ثمة خطورة على مسرحنا؟ ما مبرر مهاجمته والتعاطف معه؟
حميد: خطورة المسرح التجاري لا تكمن في (تجاربه) بقدر ما هي في تهشيمه للظاهرة المسرحية (الدراما والجمهور) فهو يستغل البناء الملزم في المسرح (شخصية، صراع، حوار) ليحرفه إلى فزاعات هزئ ومناوشات خشنة وثرثرة ارتجالية وسوقية مخرباً بذلك الذائقة مع ابتزازها مادياً ونفسياً.
ياسين: المسرح التجاري جزء من التشويه الاقتصادي القائم على عرض بضاعة بإمكانك أن تغيّر من مفرداتها كل يوم و(المستهلك) الذي تعود على عدم الثقة (بالسوق) نراه يقبل على مثل هذا النوع من المسرح كجزء من ظاهرة عامة يحياها. فهو يعيش مرحلة ضياع القيم الجمالية والفنية مع عدم الثقة بالفنانين ذوي (التاريخ) بعدما شاهدهم يسقطون أمامه في أدوار تافهة وهناك ثمة أسباب أخرى.
جبار: تسميات هذا المسرح كثيرة فالكاتبة نازك الأعرجي تسميه "مسرح العوائد" والفنان قاسم محمد يسميه "المسرح السلعي" وهناك تسمية "مسرح الشباك" وطبعاً ليس المهم البحث في تسمياته بل المهم هو الموقف فيه والتحسس بآثاره السلبية الخطيرة، فهذه الموجة من المسرحيات "الرخيصة" لو استمرت أكثر فأنها ستأتي على كل ما بناه المسرح العراقي وتهشم صرحه في سنوات قليلة.
بنيان: عند الكاتب: سلام كاظم (يحق لنا أن نضخم مخاوفنا على حياتنا الجمالية وعلى ما هو صمام أمان للمسرح العراقي المعاصر وتاريخه وإنجازاته مما يجهله المسرح التجاري في أحشائه من شهوة عارمة للربح التجاري) هذه صرخة تطلب النجدة السريعة كما أرى!
جبار: لنلاحظ أيضاً: أن مروجي عروض هذا المسرح على قتلهم يتكلمون بأصوات عالية ويتحركون بشكل سريع انتشارهم عجيب يتنقلون بعروضهم بين المحافظات وهذه التسهيلات تمنحهم فرصاً أكثر من إفساد الذوق الفني الراقي.
حميد: هذا قد يكون "انجرار" أكثر مما هو (تعاطف) مع المسرح التجاري، فللمرح والضحك هوى في النفس وقد أوجدت الحرب (تراجيديا جمعية) إذا صحّ التعبير، وهذه حتمت فتح نوافذ وسط هذا السواد، فاستغلت بمغالاة بموجات ضحك على الخلقة وصفع ورفس وإهانة أجزاء معينة من البدن.
بنيان: الغرابة في هذا (المسرح) أنه يقدم مستوى من النتاج يشابه إلى حد بعيد ما كان موجوداً في مسرحنا قبل عشرات السنين والذي يرصده الموثق العراق أحمد فياض المفرجي في أحد كتبه المبكرة عن الحركة المسرحية يقول:" إثارة عواطف المشاهدين، بالمواقف الحسية والميلودرامية المؤثرة والاندفاع إلى المغالاة في الحركة والكلام والمكياج، والإكثار من مشاهد الرقص والغناء التي تبدو أحياناً بإطار بعيد عن الذوق والأدب).
حميد: ابتذال وتخريب للوعي.
جبار: لا يحتمل التراخي والتهاون، وكل ما يكنها في ترضيته ووضعه على جادة الصواب كل ما استطعنا تحصين مسرحنا من التداعي.
بنينان: لماذا المسرح التجاري؟
ياسين: من الأسباب (النجومية) التي بدأت تغز مسرحنا وثقافتنا الفنية والتلفزيون واجهة عرض جيدة لتوسيع (شعبية) الممثل، وهذا التقليد بدأ في المسرح المصري والمسرح الخليجي وهي ظاهرة مقصودة، خاصة وأن صحافتنا طالبت منذ سنوات بضرورة خلق النجوم في الصحافة والمسرح والثقافة.
حميد: من الأسباب أيضاَ سريان حمى الربح السريع إلى حياتنا وشمولها مجالات الفن والأدب. أيضا استجدت زحوفات اجتماعية أخذت تطالب (بالتسرية) وأسهمت أيضاً المناداة بإيجاد موازنة مع تراجيديا الحرب، هذا من جهة ومن جهة أخرى وجود علل في بنية الحركة المسرحية نفسها، أبرزها ندرة النص العراقي الناجح وتخلف مقومات البناء الدرامي في البدائل، بسبب القفز على الواقع وخفوت التنافس الفني وانسياق بعض النتاجات خلف أطر التبسيط.
ياسين: من الأسباب الأكثر أثراً ازدياد حجم الرقابة على الأعمال الفنية وظهور تفسيرات عشوائية من قبل لجان الرقابة حول بعض النصوص وبعض العبارات الواردة فيها. ولم يفلت من هذه الأساليب القمعية التي مارستها لجان الرقابة الفنية في مؤسسة السينما والمسرح أي كاتب مسرحي، فساعد ذلك ضمناً على ظهور نوع من (التأليف) المغرق بالخصوصية والسريع والمليء بالنكات النابية والابتذال بعيداً عن الجدية لتحاشي التأويل.
جبار: شركة بابل بدأت بالترويج للمسرح التجاري من خلال إعلاناتها لعروضه وتفننت بصنع تلك الإعلانات حيث وجدت طريقها يسيراً من خلال التلفزيون.
ياسين: أيضاَ انحسار دور النقد الجاد والموقف النقدي موقف حضاري، وبسبب الموقف النقدي أصبح بعض مسؤولي الصحافة بشكل آو بآخر متواطئين مع هذه الموجة التي كانت أغلب عروضها غير مؤلفة بل مسروقة أو مقتبسة عن مسرحيات عربية وخليجية وعالمية.
بنيان: ترى هل ينطبق عليه ما تقوله شخصية "العجوز" في مسرحية "فاوست والأميرة الصلعاء" للكاتب العربي عبد الكريم برشيد:" لقد توضأت بالحبر زمناً وما تطهرت، بنيت الصوامع من الورق، أحرقت فيها النذر والشمع، أحرقت أناملي وأشفاري وأجفاني المتعبة. طفت بالدواة سبعاً حتى أخذني الدوار. فسقطت في الدواة).
ياسين: هذا محتواه ومصيره
بنيان: يعتقد الكثيرون من المسرحيين أن مهام مسرحنا المستقبلية الملحة تكمن في أن يطرح مسرحنا معاناة الحرب التي خضناها ثمانية أعوام. وكذلك أن يرتبط بواقعنا المعاش المتجدد وأن ينسلخ عن الهروبية ومغازلة ظروف الخمسينيات وأناسها.
جبار: الحرب استثناء في الحياة، والسلام قاعدتها حيث يحيا الإنسان حياته الطبيعية والفنان لا يمكن أن يعطي نفسه إجازة في أيام معينة ينتج في أيام أخرى. المهم أن يأتي النتاج مستوفياً للشروط الإبداعية. بعض الأعمال المسرحية التي تناولت الحرب وقعت في المباشرة والخطابية لذلك نجدها باهتة.
حميد: لكن الارتباط بالواقع لا يغفل معاناة الحرب فللحرب آثار بينة لن يسدل عليها الستار حتى لسنوات مقبلة. إنها قدرنا وقد أكوينا به.
بنيان: الأعمال التي ستتناول موضوعة الحرب يجب أن تكون صادقة وعميقة وأن تقدم أناساً "حقيقيين" وبمعاناة بشرية معقولة لتتوفر لها المصداقية في مخاطبة شعبنا والشعوب الأخرى.
ياسين: الكتابة عن الحروب ضرورية ما دام السلم مهدداً. وما دام الإنسان العراقي قد عانى منها وحمل في داخل حياته وأفكاره نتائجها. الحرب أوقفت كل أبعاد الرؤية وسيرتها وفق هواها وحساباتها لكن السلم عليه أن يعيد ما اختلّ إلى توازنه. لذلك تبقى الكتابة عن الحرب ضرورية ما دامت نتائجها لم تحسم بعد. في آداب الشعوب ثمة كتابات عن الحرب لكنها كتابات عن البعد الإنساني للمجتمع والإنسان فيها، وليس عن تأكيدها أو إشاعتها.
جبار: هناك من يقول أن النتاج الإبداعي عن الحرب يأتي بعد انقضائها.
بنيان: في بعض عروض مسرحياتنا (الواقعية) التي تعرض الآن لدينا حال مشابهة لما لدى الشعراء الجاهلين في البكاء على الأطلال إنها متمثلة في تصورات ساذجة عن أناس انقرضوا بتركيباتهم الاجتماعية لكن بعض الفنانين ما زالوا ينظرون إليهم بمثالية.
حميد: كل ما كانت (ثيم) المسرحيات التي نطمح إليها على تماس بالواقع المستجد كانت قرينة الصدق والارتباط التاريخي بحركة الواقع وتلقى تجاوباً من جمهورها فجلد الحصان الميت لم يعد مجدياً. والمتغيرات بوأت شخصيات كانت فقيرة ومسحوقة، بوأتها مواقع مغايرة. أنها الآن في سلم الثراء، فمثلاً الفيتر المدهون، السماك، التنكجي، بائع الملابس..و.. هم الآن سادة السوق. ومرتبي الشهري ينفقه "المدهون" بجلسة واحدة في الشيراتون!
بنيان: (الواقع) تغير وعلى الفنان أن يعدل زاوية عدسته لتصبح أكثر حدة وشمولية وتمعن.
ياسين: الواقع والمتغيرات مقولتان نسبيتان، فلا بد من تحديد أبعادهما كي نقف على خصائص أفكارهما. وفي كل مرحلة ثمة واقع وثمة تغير. فالواقع لا يعرف الجمود ولذلك الكتابة عنه كتابة عن جدل الحياة. أما "الهرب" إلى الماضي فله طريقان، أما أن تستدعي حاجة الحاضر الماضي، عندئذ لا بدّ أن تكون النظرة إلى الماضي نظرة نقدية أما إذا صرنا أسرى النظرة إلى الماضي وشخوصه بمعزل عن مجراه الزمني وتطور المجتمع فهذا الموقف سلفي ورجعي.
جبار: في مواقع العمل والانتاج ومواقع الحياة الشعبية وفي الجامعة، الحياة في هذه الأماكن متجددة متغيرة بسبب المتغيرات السريعة الحاصلة في تركيبة المجتمع. أما العروض المسرحية التي تقدم حاليا فهي تنتمي للماضي أكثر من انتمائها إلى الحاضر. خذ مثلاً مسرحية "المطحنة" و"الناس أجناس" و"بير وشناشيل" هذه العروض لم "تخترق" الواقع لتقدم ما طرأ عليه من متغيرات.
بنيان: محورنا الأخير في هذه الندوة: هو مسرحنا وجمهورنا. المسرح في المدينة هذه ظاهرة أكيدة (في العاصمة بالذات) ولكن ماذا عن المحافظات ماذا عن الريف، عن الجامعة، المدارس..الخ وقد كانت لنا تجاربنا في بعض هذه المواقع كتجربة د. سعدي يونس (مسرح الشارع يهدف إلى تقديم عروضه إلى الجماهير حيث تتواجد)
حميد: معضلة تواجد المراكز المسرحية في المدينة وفي بغداد بشكل أدق سبب أساس في محدودية الجمهور، وكذلك انتظار الجمهور على أبواب المسارح. الحالة الأصوب أن يطرق المسرحيون أبواب المتلقين. نحن مثلاً في مدينة أنجبت الأوبريت وغذت المسرح بالفنانين والكتاب وأوجدت تقاليد مسرحية وما زلنا نعاني البطش المسرحي فكيف حال الآخرين فالمسرح ظاهرة حضارية يستلزم البرمجة كمادة منهجية في مدارسنا وجامعاتنا بشقيه النظري والتطبيقي لاستكشاف المواهب وخلق المتفرج الذكي وترسيخ التقاليد المسرحية.
ياسين: المسرح شأنه شأن الرياضة الفعل فيها هو الفعل التنافسي الشرف فإذا ما اقتصرت على مكان محدود حددت قابلياتها. والمسرح يتجمد هو الآخر إذا ما اقتصر على المدينة لذلك لجأ عدد من الدول إلى تكوين المسرح القروي الذي يدعى أيضا المسرح الجوال. مادته والقائمون عليه من الفنانين الواعين بأهمية الثقافة الشعبية. إذن المسرح يجب أن يتعدد ويتنوع كمسرح العمال ومسرح الفلاحين ومسرح الجامعة ومسرح الشباب ومسارح المحافظات. وبتعدده هذا ينتج أفكاراً وأساليب جديدة. والتجارب العراقية بهذا الخصوص لها تاريخ وإنجازات والتعدد فاتحة خير لتنمية الثقافة أما التحديد فهو حرمان ومؤخراً بدأت المؤسسة العامة للسينما والمسرح أقول ذلك بكل أسف بدأت بإلغاء الفرق المسرحية لبعض المحافظات، مكتفية بالزيارات التي تقوم بها الفرقة القومية لهذه المحافظات.
بنيان: ونحن نختم ندوتنا هذه نتذكر باعتزاز الخالد العربي توفيق الحكيم وشعاره "نحو الأرفع والأنفع في الفن".
تعريف بالمشاركين:
ياسين النصير: كاتب وناقد
بنيان صالح: كاتب
حميد عبد المجيد مال الله: ناقد
جبار صبري العطية كاتب ومخرج مسرحي   










العــــــودة للصفحـــة الام - تكست مجلة فصلية ثقافية مستقلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق