تكست: السنة الثانية - العدد العشرون - تشرين الثاني 2013






السنة الثانية - العدد العشرون


السبت، 7 ديسمبر 2013

تكست - السنة الثانية - العدد العشرون - من كثرة موتي .....قصائد ....للشاعر هاتف جنابي



من كثرة موتي .....قصائد : هاتف جنابي
(شاعرعراقي مقيم في بولندا)
هاتف جنابي

أولا
قصيدة الفصول غير المكتملة

كنتُ منهمكا
في إزاحة ماضٍ ودفنِ صداه
في إعالة عائلة الكلمات
مسنونةً من رحمِ الشكّ والمستحيل
صرتُ أرسم بيتا جديدا
أسوّرهُ،
ثم أملأه بالكتبْ
صار عندي سياجٌ وسقفٌ وبابٌ وقفلْ
فجأةَ، ضاق صدري
خرجتُ، فألفيتُ نفسي
بجمع النشارةِ منهمكةْ،
في إزاحة ماضٍ ودفن صداه
هكذا يبدأ اليومُ ثمّ ينتهي
حائرا بين آتٍ وآت.
مطار اسطنبول في 28 كانون الأول 2012

ثانيا
قفلٌ
تمتدُّ يدي نحو الباب
في زحمةِ أحلامي
أنسى الهدفَ الأسمى
تفتح كفّي مأوى لا أعرفه
حفرتْ أظفارٌ
سطحَ المرآةِ الأملسَ فيهِ
بقفل الليل،
أتصفّحُ وجهي
بالمقلوب.
4 نوفمبر 2012

ثالثا
سكون

وضعتُ يدي تحت خدّي اليمينِ
تيمنا بحكمة الماضي
غفوتُ فوق ذراع تاريخ،
سمعتُ صهيل خيولٍ ونقر طبول
رأيتُ سيوفا تلمعُ في الفضاء،
وثمة أبواقٌ ونداءاتٌ
              تخترق المدى:
          لا نجاةَ لكم،
        سحبتُ يدي الثانية
    سَتَرْتُ بها أذني اليسرى
علتِ الأصواتُ: لا نجاة لكم،
                 كلُّ دربِ ستُغلقُ،
عودوا إلى الصحراء،
                كلُّ حجارةِ أفعى
سرَتْ بي رعشةٌ، رأيتُ الغبارَ يعلو جسدي
ويسيلُ من عينيّ دمٌ فوق الوسادة
يبلل جبهتي ثمة يغمر أوراقَ كتاب
على النصف مفتوحا تركته فوق صدري
                   سددتُ ركلةَ في الهواء
فأيقظني صراخُ زوجتي التي كدتُ أكسرُ ضلعها:
ما الذي تبحث في أوراقك الصفراء
                  أيها الجسدُ الفاني
سأجفّفُ رأسك، ثم أقرأ سورة الكرسي عليكْ
كنْ حيث أنتَ، فالآيات تحرسك.
               مُذْ ذلك الوقت، أنظرُ للناس
           عبرَ فَتْحَات الأصابع
     الكلُّ يجري وأنا أتطلّعُ حولي
زائغ العينينِ
مشلولَ اللسانِ
وارسو في 17 مارس 2013

رابعا
شعاع
أحتسي من فمِ الهاوية
خمرةَ الغائب الأحدِ
النجومَ أراها عيونا مُؤَرّقةً شاخصة
والغيومَ مراكبَ تُبحرُ في عاصفة
تتكسر فوق أنفاسها ذكرياتٌ
ومن نبعها ترتوي أشرعة
رشفة، رشفتانِ يَسيلُ اللعابُ لها
قبل أنْ أُطْبِقَ الشفتين
سقطَ الكأسُ خلفَ اليدِ
ثمة انْكَشَفَتْ هالةٌ فوق رأسي
فأحْسَسْتُ أنّ دثارا من الريشِ
يبتلع المنكبين
صرتُ أهبطُ دون قرار
وفوق جناحي ثمارُ المحبِّ
وفي داخلي قبسٌ
من شعاع النهار.
وارسو في 3 تشرين لثاني 2013

خامسا
خاطفُ الظلّ

أمضي هربا من ظلٍّ يقتاتُ على جسدي
كلماتٌ ألهج بالآفلِ منها
تتعثّرُ في قاموس الزمن:
عشْ،
فيضا من لهبٍ
أو مُتْ
     حيث الأمواجُ يغطي شفتيهِا الزّبدُ
     من هذا النورِ تُغَطّى عتماتُ الجسدِ

في مفترق الوقت الأسود والأبيض أمْسَيْتُ،
ولكنّي لم ألحظْ أكثرَ من لمعِ مُوَيْجاتٍ وظلالِ عقابٍ
فوق الرأس يحوم،
منقارٌ تحت جناحيهِ،
نظراتٌ تخترقُ العتمة.

     
يا رقيبي، أشرْتُ له،
لستَ ظلا ولا بهلوانا ولا زائرا  
يمخرُ الجوَ من دون نَذر،
أرى رِيَشَا في الأعالي
قطراتٍ تَسَاقطُ حمراءَ خلفَ الأفق.

يا نديمَ العُلا،
هل ترانا أضعنا الخطى
في البراري أم كلانا حائرا يرقبُ الآتي
بين فكي غيابٍ هو الآخرُ لا يدري
متى ينبغي أنْ يوجزَ الرّحلةَ بين السهم والوترْ
بالمقلوب صرتُ أراك 
وأنت تراودني عُرْضا ثم طولا
أصلعُ هذا الجسَدْ
طمرَ الورقُ المتساقطُ جنبيه
لم يبقَ في قاعه
غير زوبعةِ البحث عن منحدرْ.

هل كلانا ضائعان
أو باحثان عن تعويذةٍ يكتبها شراعٌ
فوق أمواج البحار
فيدفعها العصفُ خلسةً
في مدار شهابٍ خَفِي؟


قدماي تغورانِ في الطين
ثمةَ شيئا فشيئا سيغمرني الريشُ
دون حراكٍ
والقطراتُ الحمرُ تلحسها الشفتان
على موجةٍ رفعتني قليلا
فصرتُ مثلَ مختنقٍ في المنام

أأقول لكْ: أنَا بين حروفِ هجاءٍ
تُشكّلُ صوتي وقامتي، تُلبسني جلبابَهَا
وتُغْرِقُني في بحر الرّمال
حين أرنو إلى ضفة البحر
أراها تغور تحت القدمين
لم يبقَ لي غير الخيال من مجرى

أأقول: إنّك من أبجدية الهواء والحركةْ
وأنا من حصةِ السكون رغم حماستي،
جناحٌ تحضنه الريحُ،
والزّغبُ المهجور
يعلقُ بالغمام

هذي الحجارةُ من قلبي
وذلك الوتدُ المرميُّ تحتَ العجلةْ
بعضُ أضلاعي
ولي حصةٌ في النظر الأعمى
فأيُّ متاهةٍ تُقْصيك تُدنيني
وأيُّ كتاب مغلقٍ يبقى ندائي
وما القطرةُ الحمراءُ إلا صدى
رؤيتي بعد اصطدامها بأحجار السماء. 

أمضي قُدُما، ممسكا غصنا بأسناني
يسيل لُعابي حواليه  
فتعثر صحرائي بأطراف لهاتي

هل كلانا شبحان
من عالم الجنّ
أم رؤيتان غائمتان؟

أتنقضُّ على شبيهِ نفسِكَ يا هذا
أم تراني خاطف ظلّي،
بين رافدينِ يحتضران؟
وارسو، 5 آب 2012




سادسا
فراغ
حفرتُ حول الكرة الأرضيةِ خندقا
وضعتُ فيه وأشعلتُ نفطَ العرب،
سطوتُ على مصرف اللهِ،
ثم نثرتُ ما كسبتهُ من مالٍ وفيرٍ
في الفضاء،
رأيتُ الناسَ لا تجمعه لكثرتهِ،
صوّرْتهُ وأرسلتهُ بالبريد الالكتروني،
للسماء السابعة،
مازلتُ أنتظر الجواب:
رِجْلٌ في الفراغ        وأخرى بالباب عالقهْ
العينان مفتوحتان      والنوافذُ مُشرعهْ.

سابعا
انتظار
أقفُ الآن أمام المحيط
أعْلَى من نيويورك،
أدنى من برجِ بابل
مُستخفا بأسماك القرش
ألقي على الدلافين بعضَ أشعاري التي نسيتُها
 ذاتَ يوم،
في أحد القطارات المسرعة
ملوحا بتابوتي
بانتظار موسم جديد
من البرقِ والرّعْدِ..
3 تشرين الثاني 2013

هاتف جنابي














ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق